ذاكرة لجوء

كوني “شرشوحة”

أنا من مجتمعٍ شرقيّ، كثيرٌ من شرقيته أعشقها والكثير منها لا يشبهها في المضمون،أنا من مجتمع يصرّ على أن دفاع المرأة عن نفسها شرشحة وقلة أدب وقلة تربية، مجتمعٌ كلّ همّه الحفاظ على سمعة بناته وأعراضهن وفي الوقت نفسه لا يساعدهن على ذلك،
لعل من أهم ماقدمته لنا هذه البلاد الباردة عكس مايعتقد الناس هو حماية كرامة المرأة وعرضها أيضا، تخيل أن هذا البلد الذي يتشكل من أغلبية ملحدة وهذا البلد الذي يدعو الى المساواة التامة بين الرجل والمرأة يشبه الصعيد في حماية المرأة لكن بطريقته الخاصة !….
نعم يشبه الصعيد لم أخطىء في التعبير.
لعلّ كلّ نساء المجتمع العربي تعرضن لتحرش أو لكلمة على الأقل في حياتها تسيء لها في الشارع دون أن تستطيع الردّ لعدّة أسبابٍ لا أعرف اذا كانت ستبدو لك مهمة منها:
“البنت اذا علي صوتها بتبهدل حالها “،
” اللي برد عأهل الشارع بصير منهم ”
“ابن الشوارع مابتأثر مابتبهدلي غير حالك”
“العما شو شرشوحة بهدلت حالها وهي تصرخ وترد عليه “
و الأكثر حكمة سيقول لك “ماناقشت جاهلاٍ اّلا وغلبني، فطنشي”
ومن قال أنه نقاش!!
هذا تعدي !
تعدي مباح، نحن من نبيحه ونأمن له كل وسائل الحماية، طبعاً الكثير سيلجأ الى حجّة اللباس لتبرير التحرش، واذا ما تجاهلنا الحرية الشخصية هنا، فيجب أن لا نتجاهل حقيقة أنّ المنقبات تعرضن أيضاً لظاهرة التحرش اللفظي وغيره في بلادنا، بينما تجتاح الشورتات القصيرة هذه البلاد ولا يشكون من هذه الظاهرة بالشكل الذي تعاني منه بلادنا، ربما القانون هو أعلى سلطة هنا بحيث في السويد تستطيعين الاتصال بالشرطة لمجرد نظرة من رجل تسيء لك ….،
نظرة تخيلي ما بالك بالكلام أو أكثر و بعض الذكور العرب يعرفون ذلك وملتزمون به، مجبر أخاك لابطل، لكن ليست المعضلة في القانون فقط، فهنا يتجرأ الرجل العربي على الفتاة العربية دون غيرها، لأنّه يعلم أن قانوناً آخر يحكمها، قانون العادات التي تجعل منها شرشوحة في حال اعتراضها أو اتصالها بالشرطة، يبدو أنّ المعضلة الحقيقية في أن مجتمعنا نسي أن يربي أولاده جيداً لأنّه يعتقد دائماً أنّه يحمي نساء بيته فقط، حتّى عندما بدت في الأفق ملامح المثقفين المدافعين عن حرية المرأة، نجدهم قد استثنوا أخواتهم من هذا الدفاع ومن هذه الحرية، لا أعلم ربّما هي الشيزوفرينيا تجتاح مجتمعاتنا بقرف!
عزيزتي الفتاة أعلم أنّ كثيراً من المواقف تعرضت لها و لم تستطيعي الردّ في بلادنا ، وأنا في السويد لا أقوى على نصيحتك أو لا أقوى على حمايتك من نتائج أن تكوني حرة فهذا قرارك، ريثما يعي المجتمع أنّ الساكت عن الحق شيطان أخرس و يربوا أولادهم رجالا !!
أما في البلاد الباردة هذه، فمن الذي يمنعك ؟
لا تقبلي بنظرةٍ واحدة تخدش عزتك، تمردي واصرخي واستعيني بالشرطة أيضاً، صوت الحق ليس عورة
كوني “شرشوحة” اذا كانت الشرشوحة بمعتقداتنا هي من تدافع عن نفسها ولا تنسي أن تكوني فخورة و أنت تحمي نفسك
انهضي من غبارٍ أحمق أغرقونا به ليحموا بقايا الذكور التي تجتاح شوارعنا، انهضي ولا تخجلي أبداً مما قد تتعرضين له، هم من يجب أن يشعروا بالخزي، ولا تقبلي وابتسمي وقولي سأكون “شرشوحة” إذا كانت هذه الكلمة تعني حقّي في الدفاع عن نفسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 5 =

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى