Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ذاكرة مكان

ذاكرتي البعيدة

من أجمل المشاهد التي أتذكرها بفرح، هي مشهد ساعي البريد على دراجته وأمامه الحقيبة السوداء المهترئة يطرق الباب طرقات، ثم يقذف الرسالة في المدخل وينطلق بدراجته.

مع إطلالته صرت هاوٍ لجمع الطوابع، وصار مشواري إلى ادارة البريد لوضع رسائلي وردودي على الرسائل حالة فرح وتميز، حيث كنت فتى يحب التميز

كان طريقي من الخالدية الى البريد عند الساعة الجديدة والعودة الى المركز الثقافي القديم، حيث نطالع بعض الصحف المصرية آنذاك، مثل المصور وآخر ساعة  وغيرها أو ننتقل الى قاعة المطالعة لنقرأ بعض الروايات

وفي مشواري هذا، اذا كان في جيبي نصف ليرة  فهذا يعني أن أمر على سور حديقة الدبابير جانب الساعة، لأشتري رواية ما من على ذلك الجدار الذي كان بمثابة مكتبة عامة، فيها كل المترجمات مع الكتب المصرية والصحف القديمة.

كانت استراحتي أن ارتاد سينما الأوبرا كلّ أسبوعٍ مرةً لأحضر فيلماً هندياً أو عربياً  مثل فيلم ابي فوق الشجرة  وعقد اللولو.

كان ذلك نهاية الستينيات  ومطلع السبعينيات وبعد عقدين  من الزمن  صار عندي صندوق بريد، حيث لم يعد عندي نفس الشغف للرسائل حتى صرت أنسى  أنه لديَّ بريد.

أما السينما فقد طلقتها بالثلاثة وأما الكتب فصارت “بريستيج” نتسامر مع أصدقائنا فيستعرضون ما قرؤوا ونتبادل الآراء، ثم نتباهى بما اقتنيناه مؤخراً من كتب، فصار لماركيز وباولو الحصة الأكبر بعد أن كان في فتوتنا السبق لروايات عالمية من ذهب مع الريح الى وداعاً اْيها السلاح والشيخ والبحر وطفولتي والأم والمترجَمَات الروسية والصينية رخيصة الثمن.

ومع أني الآن أقعد الى شاشتي الزرقاء و معي  أصدقاء من كل أصقاع الأرض، غالبيتهم لا أعرفهم سابقاً ومع فرحي الكبير بهم، إلّا أني أقولها وبصدق: تلك البساطة والعفوية والحميمية رغم كلّ الامكانيات المادية الضعيفة كانت أجمل.

صداقة الفيس بوك رغم كلّ مافيها من سرعة التخاطب والتواصل إلّا أن وجود زر  الحظر أو الهكر أو فرمانات مارك تجعل هذه العلاقة على كف عفريت.

(طل طل طل البوستجي تلك الأغنية الجميلة المفعمة بالفرح )

وأيضاً فيلم البوستجي  لا أذكر من مخرجه أعتقد لصلاح أبو سيف (كمال حسين  ) بطولة شكري سرحان

وكان من درر الأفلام الواقعية في ذلك الزمان.

صباح الخير لكل الأصدقاء الحقيقيين والوهميين  أينما كانوا فالعالم صار قرية صغيرة، ولم يعد يحتاج الى ساعٍ للبريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 3 =

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى