أوراق

مصطلحات يرموكيّة 1

مصطلحات يرموكيّة (1)

 

في كل بقعة من هذا العالم تتشكل لغة أو لهجة محكيّة لأبناء الجماعة القاطنين فيها بغض النظر عن أصولهم سواء أكانوا وافدين أم مواطنين أصليين أم خليطا.

وعلم الألسن بحد ذاته، صارت تفرد له الجامعات أقساما وكليّـات، لذا فلن أدعي أنني متخصص أو أكاديمي بهذه اللغات أو اللهجات.

وأشير إلى أن قراءاتي متواضعة في موضوع اللغات واللهجات وعلم الألسن، ملخصها أن لكل جماعة بشرية لغتها أو لهجتها الخاصة التي قد تختلف بين سكان قريتين صغيريتين متلاصقتين، أو بين قاطني حارتين متجاورتين أو حتى بين سكان أول الشارع وآخره في مدينة واحدة.

وقضيتي هنا إيصال شيء مما ألفته عن لهجتي المحكية في مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب العاصمة السورية دمشق والذي ضم آلاف الفلسطينيين والسوريين والعرب وغير العرب، دون ادعاء أنّ ما أقوله عين الصواب، لكنه الأقرب من وجهة نظري وبالعودة للشارع إلى الواقع الذي عشته مرفقا إياه ببعض الفكاهة، وليس بالضرورة أن يكون القصد منه التوثيق العلمي للحالة الشعبية بمقدار كونه تدوينا متواضعا للذاكرة.

تلك اللهجة التي تشكلت من امتزاج الكلمات الفلسطينية والسورية وتأثرت بطبيعة سكان المخيم وقراهم ومدنهم التي هجروا منها في فلسطين، إضافة إلى تنوع لهجات الفلسطينيين المبعدين من الأردن أو غزة، وأخوتنا السوريين الذين سكنوا المخيم منذ تأسيسه في خميسينيات القرن الماضي.

وأولئك الأشخاص حملوا مخزونهم اللغوي إلى أماكن أخرى، فعاد ليؤثر ويتأثر بلهجات ولغات جديدة بفعل النزوح والتهجير القسري الحاصل نتيجة الحرب السورية، ومن الحق علينا في هذه الحال التدوين للهجتنا التي ظلّت هناك، سيما وأنها تعبّر عن مجتمع فلسطينيين اندمجوا بصورة شبه كاملة بالمجتمع السوري، تزامنا مع اندماج المجتمع السوري ببيئة المخيم إلى الحد الذي يصعب التمييز بينهما باللهجة أو التصرفات، ولأن آلافا من أهلنا ما زالوا هناك ومن حقهم علينا التمسك بهم إلى الأبد.

وإليكم شيئا مما عهدت عن لهجتي اليرموكية:

 

مخيمجي: وهو مصطلح يطلق على سكان المخيم أو المتطبعين بطباعهم ولهجتهم ونمط حياتهم الفوضوي بكل صفاته الجيدة والسيئة، وقد يقصد بها الإساءة في كثير من الأحيان أو المدح في أحيان أخرى.

خيـّا/ خيتا: أي أخي/أختي وهو حرف نداء أكثر من كونه كلمة ذات معنى حرفي وتستخدم بغضّ النظر عن صلة القربى بين المتكلم والمخاطب، والخيّا / الخيتا مع (ال) التعريف تعني المكانة الرفيعة للشخص المقصود.

الزخامة: وهي أبرز صفة مخيميجية، وتفهم بأنها أعلى درجات الرقي والريادة التي من الممكن أن يصل إليها الشخص الذي سيقال له (زاخم)، والرقي قد يكون في الأناقة المتناهية (زخامة المظهر) أو طريقة الكلام (زخامة اللسان) أو تسريحة الشعر (الزاخمة) وعلى هذا المنوال تسير الزخامة.

الميازة: وهي التميز في الزخامة أو أعلى درجات الزخامة الممكنة لمخيمجي ما، ويطلق عليه لقب متمايز بعد تحقيق هذا التميز في الزخامة.

الشلي: أحد أبرز الأنشطة المخيمجية في وقت الفراغ، ويعني الحديث على الناس بسوء في غيابهم أو ما يعرف بـ”وضع الناس على المقلاة” أو”الكلام على البشر بالعاطل”.

وللشلي أنواع: شلي بهدف التسلية والضحك ويمارسه الأوادم والزعران على حد سواء، وشلي بهدف الشلي لكونه أحد طقوس الحارة ويمارسه الصبية والصبايا والنساء والشباب على حد سواء، وشلي للإساءة وتدمير الصورة المعنوية للأشخاص وغالبا تمارسه النساء في الزيارات والصباحيات أثناء شرب القهوة.

الشاليش/ شاليش: وهو أهم جزء في جسد المخيمجي الزاخم، وهو الجزء الخلفي من الشعر الذي يتم إطلاقه من قبل الشاب أو الفتاة، لكنه يختصّ بالشباب دون الفتيات في حالة المخيم لاعتبارات تتعلق بأنه عنصر (الميازة) الأساسي للواقفين قبالة باب الثانوية في انتظار (حلّة) البنات لجذبهن.

الشلش: وهي حالة التخبط التي يصاب بها الشخص المخيمجي الذي يسمى مشلوش (فايت بالحيط)، وذكرت هنا لتمييزها عن شاليش آنف الذكر.

الشلاتي: وهو مخيمجي يربي (الشاليش) ويحمل علبة سجائر (باكيت دخان) ويمارس المشية الزاخمة. أو هو الشخص الذي يربي الحمام (الحميماتي)، أو الذي لديه أسبقيات جنائية ويمارس الزعرنة في حارات وشوارع المخيم.

أِشرف السهلي

طالب ماستر تخصص (تمويل) وخريج كلية الاقتصاد - قسم التأمين والمصارف في جامعة دمشق صحافي مهتم بقضايا المخيمات الفلسطينية في سورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى